شهدت لجنة الداخلية بمجلس النواب، يوم الخميس، نقاشاً محتدماً بين وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت وعدد من أعضاء المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، على خلفية التعديلات المقترحة بشأن مشروع القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، ولا سيما تلك المرتبطة بشروط أهلية الترشح وحالات التلبس باستعمال المال في الانتخابات.
لفتيت انتقد بقوة مقترحات “البيجيدي” الداعية إلى تخفيف القيود عبر اشتراط صدور حكم نهائي قبل إسقاط الأهلية، معتبراً أن هذا الطرح “يمسّ جوهر الإصلاح ويبعث برسائل خاطئة حول مكافحة الفساد الانتخابي”.
وأوضح أن المادة المحورية في المشروع تهدف إلى حماية نزاهة العملية الانتخابية وصورة المؤسسة التشريعية، مبرزاً أن “من غير المعقول انتظار حكم نهائي في حالات التلبس، فيما قطاعات أخرى تُفعّل إجراءات فورية عند ضبط موظفين في وضعيات مشابهة”.
وأضاف الوزير أن التجارب الدولية تذهب في الاتجاه نفسه، مستشهداً بمنع شخصيات سياسية أجنبية من الترشح بناء على أحكام ابتدائية، مؤكداً أن الهدف “ليس المساس بقرينة البراءة، وإنما حماية مؤسسة البرلمان من اختراق أصحاب السوابق أو المتورطين في شبهات استعمال المال”.
وخاطب لفتيت نواب العدالة والتنمية قائلاً: “ما يخيفني هو أن حزبكم، الذي يدعو دوماً إلى حماية الانتخابات، هو نفسه من يطالب اليوم بتخفيف الإجراءات”، مشيراً إلى أن اعتماد مقترحاتهم كان سيجعل من غير الضروري طرح مشروع قانون جديد.
وشدد على أن التعديلات المقترحة من الفرق البرلمانية، باستثناء تعديل تقني واحد، “لا تستجيب لمتطلبات تعزيز النزاهة الانتخابية”، موضحاً أن المحكمة الدستورية ستفصل في النهاية في دستورية التدابير المستحدثة.
كما لفت الوزير إلى أن النقاش الدائر يأتي في سياق “وعي مجتمعي بضرورة حماية الانتخابات من المال الفاسد”، محذراً من التناقض بين المطالبة لاحقاً بمحاربة شراء الأصوات والسعي اليوم إلى إلغاء تدابير وقائية لحماية العملية الديمقراطية.
في المقابل، كانت المجموعة النيابية للعدالة والتنمية قد دافعت عن تعديلات تطالب باستبعاد الأحكام الابتدائية من موانع الترشح، وبانتظار الأحكام النهائية في ملفات التلبس والجرائم، معتبرة أن ذلك ينسجم مع مبدأ قرينة البراءة، غير أن وزير الداخلية اعتبر أن هذا التوجه “يقوّض الجهود المبذولة لتخليق الحياة السياسية”، وأن المطلوب “هو التشديد لا التخفيف”، حتى لا تتكرر حالات وجود نواب ينتظرون الحسم في ملفاتهم أمام القضاء.